لماذا يقوم المهاجر بتغيير طريقة تعامله مع مواقع التواصل الإجتماعي


كان المهاجر قبل أن يحُطّ رحاله بالأراضي الأمريكية مُكثرا للدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي خاصة Facebook، ولكنّه سرعان ما بدأ يُقلّل من الدخول إليها في أشهره الأولى، ومن المهاجرين من أصبح يتواصل بها إلاّ نادرا، بل منهم من فضّل إنهاء الحساب بها نهائيا، أو إنشاء حساب جديد لا يضمّ سوى أفرادا معدودين على رؤوس الأصابع.
فلماذا هذا التغيّر المفاجئ حتى مع أقرب المقربين من أصدقائه ومعارفه ؟
أهو تَـنَـكُّرٌ لهم أم تكبّر ؟
لماذا لا يردّ على الرسائل مثلما كان من قبل من حيث السرعة في الجواب والمضمون؟
والأسئلة مطروحة بكثرة في هذا الباب خاصة من طرف الأصدقاء والمعارف.
لذلك ندعوهم لعدم التّسرع في إصدار الأحكام وإعطاء تأويلات وتفسيرات بعيدة عمّا يعيشه المهاجر وهو منها بريئ براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، وقال تعالى مُحذرا من سوء الظن: "فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". سورة الحجرات.
لقد ذكرنا مرارا وتكرارا أن الحياة بأمريكا مخالفة تماما لنمط العيش ببلداننا الإسلامية، حيث يتّسم بالسرعة والقسوة والتعب والجهد، وكثرة الحركة وقلة النوم وكثرة الانشغالات في الدراسة أو العمل أو هما معاً.
ومِن المهاجرين مَن يعمل نهارا ويدرس ليلا أو العكس، ومنهم من يمتهن عملين في اليوم، أو يشتغل في ثلاث وظائف في الأسبوع، وحدّث ولا حرج في هذا الباب والواسع المليئ بالأفراح والأقراح.
ولا تسأله عن المدة التي يقضيها في النوم ومتى ينام ويستيقظ، فستندهش لجوابه ويرقّ قلبك له.
فمن المهاجرين من لا يتوفر على السيارة ويضطر للاستيقاظ باكرا قبل شروق الشمس أو قبل طلوع الفجر من أجل أن يصل إلى عمله في الوقت المحدد، ومنهم من يهيئ وجباته الثلاث ليلا ليحملها معه في الغد، لأنّ سعر المأكولات غالية أو غير صحية رغم مذاقها اللذيذ ورائحتها الشهية.
ولابد من استحضار الفارق الزمني الكبير بين أمريكا والوطن الأصلي للمهاجر.
وفي بعض الأحيان لا يستطيع التواصل لمجرد أنه لا يسمح له باستعمال الهاتف أثناء العمل أو ضعف صبيب الأنترنت.
والقائمة طويلة جدا...
بمعنى آخر إن حياة المهاجرين مليئة بالمهام الجادّة والتي تجعله مشغولا عن بعض الأمور التي كان يعتادها في بلده أو ألفها أصحابه فيه، وأي خطأ تكون عاقبته لا قدّر الله وخيمة عليه وعلى مساره.
بالإضافة إلى التغير السريع الذي يظهر جليّا في شخصية المهاجر وتفكيره وتفاعله مع الأشياء والأحداث والواقع.
إن المهاجر يقوم ببناء صرح كبير لمستقبله، ويلزمه أن يكون متينا، إلاّ أن هذا البناء يمتد لسنوات عديدة تأخذ منه عقله وفكره، وقلبه وقالبه، ولكنّ روحه هي دائمة التعلق ببلد الأم وجميع الأحباب والأصدقاء والمعارف.
هكذا يتبيّن أن المهاجر لا يستطيع أن يكون مثل ما كان من قبل، فلا داعي لاتهامه أو وصفه بأي شيء هو أبعد عن ما يعيشه في الواقع، بل يُستحب له عدم الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي
هذا غيض من فيض، وبعد ذكر بعض الأسباب يتبين أنه على كل الأصدقاء والمعارف والأهل والأحباب تفهم الحالة التي يمرّ منها والتي تمتدّ طويلا، والدّعاء له بالتوفيق والتيسير والسداد والنجاح والفلاح والحفظ من مكروه أو سوء.
من إعداد :
Hicham Kalloubi

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Pages