إن اتخاذ قرار الهجرة أمر ليس بالهَيِّن، فقد يعيش الأزواج ببلدهم في ظروف اقتصادية واجتماعية تتميز بخصائص معينة لا يمكن مقارنتها مع أمريكا، فقد سمعنا ببعض الأزواج الذين عاشوا تحت سقف واحد في بلدهم لسنوات وأنجبوا أطفالا، وكان عيشهم في هناء وسعادة وطمأنينة ووِدّ وسلام، وبعد هجرتهم لأمريكا تغيرت كل هذه الأحوال وبدأ الشنآن والخصام، بل فكروا في أبغض الحلال عند الله تعالى، وبدأ التراشق بينهما بالاتّهامات، وكل زوج يرى أنّ الآخر هو من تغيّر في طباعه وسلوكه ومزاجه، وهذا خطأ عظيم واتهام باطل، فليس أخلاق الأزواج التي تغيّرت بل البيئة الجديدة التي تغيّرت، والتي لم يقم الأزواج بمُسايرتها والتأقلم مع الأحوال والمتغيرات الجديدة بأمريكا، فبقي التعامل بينهما بنفس العقلية التي كانت من قبل في بلدهما، فوقعا كلاهما في سوء الفهم.
فأتمنى من الله تعالى أن يكونا الأزواج دائمي التحاور ويتفهما الواقع الجديد، ويستعدّا نفسيا لكل جديد ومتغيٍّر.
• مسائل أخرى يجب التنبه لها:
غالبا ما يكون الزوج قد زاول وظيفة أو مهنة أو حرفة أو عمل بمدخول مُحترم في أجواء وبيئة خاصة أحيانل تتميز بتعب قليل وسهولة، وحين يُهاجر إلى أمريكا، يظن أنه سيعمل بنفس الأجواء التي كان عليها من قبل، وأنّه سيعمل ويزاول نفس المهنة السابقة، وهذا التفكير هو أيضا خاطئ وبعيد عن الواقعية، لذا ينبغي عدم التفاجؤ والاصطدام في قبول عمل قد يكون مُحتقرا في نفسه أو في بلده، كالعمل في المطاعم والنظافة، وغيرها...
وقد سبق أن نبّهنا أن السنة الأولى من حياة المُهاجر هي مرحلة انتقالية، ينبغي التعايش معها بكل مرونة خاصة في ظروف السكن والعمل، فمن بين التوجيهات التي يُوصى بها كل مقبل على الهجرة هو أن يرضى بمزاولة أي عمل كان مهما كان مستواه العلمي(إجازة، ماستر، دكتوراه، مهندس، موظف، إطار...)، ويصبر حتى تمُرَّ هذه المرحلة الأولى العصيبة، فالعديد من الأطر الكُبرى وأصحاب الدخل الكبير قد زاولوا مهنا مُبتذلة، ولا ننسى أن الشعب الأمريكي لا يحتقر أي عمل، بل يُقدّره ويقدر صاحبه، ويُقدّر الإنسان بصفة عامة.
ألم تعلم أخي الكريم، أختي الكريمة، أن جميع الطلبة الأمريكيين قد زاولوا أثناء فترة دراستهم مِهنا في الصيف أو مِهنا داخل الجامعة مثل: البستنة، والنظافة، وغسل الصحون... وبعد تخرّجهم حصلوا على وظائف ذات دخل مرتفع.
فلَسْتُما أول من يمرّا بمثل هذه التجارب، وليس العيب فيها أو في مزاولتها لفترة معينة تكون بمثابة مرحلة انتقالية، ولكن العيب يكمُن في البقاء فيها لسنوات، ويرجع ذلك إلى عدم اتخاذ الأسباب الشرعية المأمورين بها، مثل: إتقان اللغة الإنجليزية والحصول على الدبلومات الدراسية المطلوبة في سوق الشغل.
نوصي الأزواج الذين لهم أطفال أن يُلقِنونهم لغتهم الأم واللغة العربية ويتحدّثوا بها معهم، ويعرّفونهم بأمجاد بلدهم وتاريخهم وتراثهم ودينهم، ولا يُعنفونهم، بل يأخذونهم بالحُسنى ويُحبِّبوا لهم ذلك بمختلف الوسائل.
من اعداد : Hicham Kalloubi
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق